وراء استثمار 2 مليار دولار في Polymarket، حركة إنقاذ بورصة نيويورك

الكاتب: Chloe، ChainCatcher

 

في أوائل أكتوبر، أعلنت ICE عن استثمار يصل إلى 2 مليار دولار في Polymarket، وقد أحدث هذا الاستثمار صدمة في السوق، وفي نفس الفترة تقريبًا، أعلنت Kalshi أيضًا عن إتمام تمويل بقيمة 300 مليون دولار بتقييم 5 مليارات دولار. في ليلة وضحاها، تم رفع مكانة منصات التنبؤ إلى مستوى التمويل السائد، ولكن لماذا تحتاج ICE إلى اتخاذ هذه الخطوة وتحويل منصة كانت لفترة طويلة في منطقة رمادية إلى أداة تنبؤ قانونية؟ هل تواجه بورصات وول ستريت التقليدية حاجة ملحة للتحول؟

مأزق بورصة نيويورك: فقدان الحصة السوقية وتراجع أعمال البيانات

بالنظر إلى وضع المنافسة الحالي بين البورصات الأمريكية، يشير تقرير "US Equity Market Structure Compendium 2024" إلى أن سوق الأسهم الأمريكية شديد التشتت والتجزئة. تبلغ حصة بورصة نيويورك (NYSE) التابعة لـ ICE من حجم التداول حوالي 19.7%، بينما تبلغ حصة Nasdaq حوالي 15.6%. من حيث القيمة السوقية، تجاوزت Nasdaq بورصة نيويورك. ففي الفترة من يونيو إلى سبتمبر من هذا العام فقط، تجاوزت القيمة السوقية للأولى الثانية لمدة أربعة أشهر متتالية، مما يعكس تفضيل المستثمرين لشركات التكنولوجيا.

من ناحية أخرى، في مجال الاكتتابات العامة الأولية (IPO)، تتفوق Nasdaq بـ 79 اكتتابًا تقليديًا مقابل 15 فقط لبورصة نيويورك، وتسيطر بذلك على مدخل إدراج الشركات الناشئة. تتجه الشركات الناشئة وشركات النمو التكنولوجية إلى Nasdaq، مما لا يضعف فقط دخل رسوم الإدراج لبورصة نيويورك، بل الأهم من ذلك أنه يفقدها محرك نمو القيمة السوقية وحجم التداول في المستقبل.

إذا نظرنا إلى المدى البعيد، فمنذ عام 2000 حتى 2016، انخفضت الحصة السوقية المجمعة لبورصة نيويورك وNasdaq من حوالي 95% إلى أقل من 30%. ويعكس هذا تحولًا جذريًا في سوق الأسهم الأمريكية، حيث لم يعد التداول يتركز في البورصات الرئيسية، بل تشتت إلى بورصات صغيرة، وأنظمة تداول بديلة (ATS)، والعديد من البرك المظلمة وأماكن التداول خارج البورصة.

وفقًا لتحليل Nasdaq، انقسم سوق الأسهم الأمريكي الحالي إلى ثلاثة أسواق مستقلة: البورصات التقليدية (حوالي 35-40%)، البرك المظلمة والتداول غير المعلن (حوالي 25-30%)، وتداول التجزئة وخارج البورصة (حوالي 30-40%). وقد أدى هذا التشتت إلى تمزق السيولة.

حتى لو حاولت بورصة نيويورك الحفاظ على مكانتها القيادية، فإنها تواجه منافسين من جميع الاتجاهات يسعون لتقاسم الكعكة، فهي لا تنافس Nasdaq فقط، بل أيضًا بورصات ناشئة مثل Cboe، وعشرات من منصات ATS، ونظام بيئي ضخم من البرك المظلمة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن قطاع خدمات البيانات الذي كان يُعتبر سابقًا عالي الربحية يشهد تراجعًا. ووفقًا للتقرير المالي السنوي لعام 2024 الذي أصدرته ICE في فبراير من هذا العام، بلغت إيرادات خدمات بيانات البورصة والاتصال في الربع الرابع 230 مليون دولار، بانخفاض سنوي قدره 2%. وهذا يشير إلى أن نمو أعمال بيانات السوق التقليدية (مثل بيانات الأسعار وخدمات الاشتراك) قد وصل إلى عنق الزجاجة، وأن الطلب على بيانات التمويل التقليدية أصبح مشبعًا، ومع ذلك تعتقد ICE أنه رغم برودة مبيعات بيانات السوق التقليدية، إلا أن المؤشرات والأدوات التحليلية المخصصة وعالية القيمة لا تزال لها سوق.

في مواجهة هذه التحديات، بدأت ICE في السنوات الأخيرة في تعديل قطاعات أعمال بورصة نيويورك، ففي أكتوبر الماضي، وافقت SEC على اقتراح بورصة نيويورك بشأن خيارات ETF للبيتكوين الفوري، مما شكل خطوة للاستحواذ على جزء من سوق المشتقات. عادةً ما تحقق تداولات المشتقات رسوم تداول أعلى من التداولات الفورية، وبينما تحتكر CME سوق العقود الآجلة منذ فترة طويلة، تحاول بورصة نيويورك من خلال إطلاق خيارات ETF اقتطاع جزء من سوق المشتقات.

بالإضافة إلى ذلك، لتعزيز دور بورصة نيويورك كمزود بيانات ومؤشرات، أطلقت ICE في يوليو من هذا العام مؤشر Elite Tech 100، والأهم من ذلك هو استثمارها في Polymarket، حيث تخطط لتغليف بيانات الاحتمالات اللحظية من Polymarket كمنتجات مالية وبيعها للعملاء المؤسسيين.

بيانات منصات التنبؤ هي مادة أساسية للمنتجات المالية

تعلم ICE جيدًا أن البيانات الاستشرافية التي توفرها أسواق التنبؤ هي ما لا تستطيع بيانات التمويل التقليدية توفيره.

بعيدًا عن غريزة المقامرة الفطرية لدى البشر، فإن المنطق الأساسي لتشغيل أسواق التنبؤ يعتمد على "حكمة الجماهير" (Wisdom of Crowds)، أي أنه عندما يكون هناك عدد كافٍ من المشاركين المتنوعين، غالبًا ما تكون التنبؤات الجماعية أكثر دقة من خبراء منفردين، لأن المشاركين يضعون أموالهم الحقيقية، ومع هذا القيد يصبحون أكثر حرصًا في تقييم المعلومات، ولا يمكنهم أن يكونوا مجرد متفرجين.

وفقًا لدراسة أجرتها جامعة Charles University في عام 2024، أظهرت منصات التنبؤ التي تسمح للمشاركين بالمراهنة على أحداث مستقبلية قدرة تنبؤية دقيقة في مجالات متعددة، بما في ذلك التمويل والاقتصاد والسياسة والسياسات العامة.

قد تعتقد أن عشرة خبراء في مجال معين يمكنهم تغطية جزء كبير من السوق، ولكن عندما يراهن الآلاف من الناس بأموالهم الخاصة على حدث غير مؤكد، فإن كل شخص يستخدم معرفته ومعلوماته للحكم، وبما أن جميع المعلومات المتاحة يتم تجميعها، فإن التنبؤ يكون أكثر دقة من أي خبير منفرد.

وهذا بالضبط ما تهتم به ICE: قدرة التنبؤ والبيانات المتراكمة وراءها، والتي تعد مادة أساسية للمنتجات المالية.

حركة إنقاذ بورصة نيويورك تعيد تعريف قطاعات أعمال البورصات التقليدية

بالطبع، ليست كل أسواق التنبؤ قادرة على تحقيق نفس النتائج. ووفقًا لدراسة "Sports Forecasting"، فإن جودة بيانات أسواق التنبؤ تعتمد على "سيولة السوق"، والتي تُحدد بحجم التداول وعدد المشاركين في المنصة، وترتبط إيجابيًا بدقة التنبؤ. أي أن أسواق التنبؤ ذات السيولة الأعلى غالبًا ما تقدم نتائج أسرع وأكثر دقة.

فقط خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، عالجت Polymarket أكثر من 3.3 مليار دولار من التداولات في أقل من 15 شهرًا منذ إطلاقها، وبلغت ذروة حجم التداول 2.5 مليار في نوفمبر. كانت المنصة في البداية متخصصة في التنبؤات السياسية، لكنها توسعت الآن لتشمل الرياضة والمؤشرات الاقتصادية الكلية والأحداث الثقافية، من قرارات أسعار الفائدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى نهايات المسلسلات التلفزيونية، دون استثناء.

عندما يُلاحظ هذا الحجم الكبير من التداول والسيولة، تتحول منصات التنبؤ التي كانت تُعتبر سابقًا مراهنات غير قانونية عبر الإنترنت إلى بنية تحتية مطلوبة في الأسواق المالية. الآن، تريد ICE دمج بيانات Polymarket في أنظمة التداول الداخلية الخاصة بها، وهذا التكامل يشبه إلى حد كبير إدخال خدمة Bloomberg Terminal في القطاع المالي، حيث توفر Bloomberg Terminal للخبراء الماليين بيانات السوق المالية الفورية.

يمكن القول أيضًا إن ICE تبحث في جوهرها عن التكامل لسد النقص في الأسواق المالية. وفقًا لإحصاءات Kalshi لعام 2025، عند التنبؤ ببيانات التضخم، بلغت دقة إجماع خبراء Bloomberg الاقتصاديين 20% فقط، بينما بلغت دقة أسواق التنبؤ 85%، بفارق 65 نقطة مئوية. فقد قلل الاقتصاديون من تقدير التضخم في توقعاتهم لمدة ثمانية أشهر، بينما تمكنت أسواق التنبؤ من التقاط الواقع السوقي بدقة بفضل المشاركين من خلفيات متنوعة.

إذا تعاون الطرفان، فإن بياناتهما ستكمل التحليل التقليدي بدلاً من أن تحل محله.

حركة إنقاذ بورصة نيويورك أعادت تعريف شكل أعمال البورصات التقليدية، فمن فقدان سوق الاكتتابات العامة إلى انخفاض حجم التداول وتباطؤ نمو أعمال البيانات، لم يعد بالإمكان الاعتماد فقط على نموذج الربح التقليدي للبورصات للحفاظ على قدرتها التنافسية.

يمكن تخيل أنه عندما تبيع ICE هذه البيانات لصناديق التحوط والبنوك الاستثمارية والبنوك المركزية، فإنها لا تبيع التاريخ، بل تبيع حق تسعير المستقبل. في عالم يزداد عدم القدرة على التنبؤ به، قد يكون هذا هو السلعة الأكثر قيمة.