تواصل صناديق التداول الفورية الأميركية زيادة مشترياتها من أكبر عملة رقمية في العالم، وذلك رغم بقاء الأسعار مستقرة فوق مستوى 90,000 دولار بقليل. ويُظهر هذا السلوك الاستثماري أن الطلب المؤسسي ما زال حاضرًا، بل يساهم بشكل واضح في الحد من التراجعات الحادة التي تقترب من أساس التكلفة الإجمالية لصناديق التداول الفورية، أو ما يُعرف بسعر التعادل، وفقًا لبيانات Glassnode.
وفي سياقٍ يعكس نمطًا متكرّرًا منذ بداية عام 2024، شهد السوق عمليتين تصحيحيتين تجاوزت نسبتهما 30%: الأولى بين مارس وأغسطس 2024، والثانية بين يناير وأبريل 2025، وقد ارتدّ السعر في كلتا الحالتين بعد ملامسة أساس التكلفة نفسه. وخلال تلك الفترات، كانت التدفقات الصافية الأسبوعية للصناديق سلبية، بحسب بياناتSoSoValue . ويبدو أنّ السوق يمر اليوم بوضع مشابه إلى حدّ كبير.
فقد تراجعت قيمة بيتكوين بنسبة 28% عن ذروتها المسجّلة في أكتوبر عند 126,000 دولار، لتقترب من أساس تكلفة صناديق التداول الفورية البالغ نحو 83,000 دولار. وفي الوقت نفسه، تُظهر البيانات أن التدفقات الصافية الأسبوعية منذ بداية ديسمبر ما زالت تميل إلى السلبية. أما سعر بيتكوين الحالي، فقد انخفض بنسبة 1.5% خلال اليوم إلى 89,900 دولار أميركي، بعد أن تعافى من أدنى مستوى له في 2 ديسمبر عند 84,600 دولار.
وبحسب أحدث المعطيات، تحتفظ صناديق التداول الفورية الأميركية الآن بـ117.67 مليار دولار أميركي من البيتكوين، وهو ما يعادل نحو 6.55% من إجمالي المعروض، ما يخلق مستوى طلب هيكلي يمكن أن يشكّل منطقة دعم مهمة للسوق في المرحلة المقبلة. غير أن السؤال المطروح اليوم هو ما إذا كان هذا الطلب سيكون قويًا بما يكفي لتثبيت مستوى الدعم عند 83,000 دولار ودفع السوق نحو مسار صعودي جديد.
وفي هذا الإطار، قال شيفام ثاكرال، الرئيس التنفيذي لشركة BuyUCoin، لموقع Decrypt: “يحظى البيتكوين بدعم قوي من الأصول الرقمية وصناديق التداول الفورية، حيث تميل نسبة المخاطرة إلى العائد تاريخيًا نحو الارتفاع”. وأضاف أن تحقيق انتعاش مستدام يعتمد على عودة التدفقات الإيجابية إلى الصناديق واستقرار المشهد الاقتصادي الكلي خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين.
وتتجه الأنظار الآن إلى اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) يوم الأربعاء، حيث ترجّح أداة CME FedWatch احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية. ويتمحور الجدل حول ما إذا كان هذا الخفض خطوة محسوبة نحو تخفيف السياسة النقدية، أم مخاطرة قد تُعد خطأً في التوقيت، خصوصًا في ظل استمرار ارتفاع التضخم، لا سيما في قطاع الخدمات، فوق المستوى المستهدف عند 2%، كما أشار Decrypt سابقًا.
من جهته، صرّح مارك بيليبزوك، كبير مسؤولي التسويق في شركة CF Benchmarks التابعة لـKraken، بأن العقود الآجلة لأسعار الفائدة تُظهر أن السوق يتوقع خفضًا واحدًا يوم الأربعاء، من دون احتساب خفض آخر قبل شهر يونيو. لكنه يرى أن أي تلميح من الاحتياطي الفيدرالي حول إمكانية خفض إضافي قبل هذا الموعد قد يمنح الأسواق دفعة صعودية قوية، خاصة إذا استمر سوق العمل في التباطؤ وظلت توقعات التضخم ضمن نطاق 2–3%.
أما ثاكرال، فقد عبّر عن رؤية صعودية مماثلة، موضحًا أن “خفضًا داعمًا للنمو” قد يعزز السلوك التاريخي لارتداد بيتكوين من مستويات أساس تكلفة الصناديق، ما يزيد من احتمالات تحسن أداء العملة. لكنه في الوقت نفسه حذّر من أن هذا السيناريو قد يتبدّد إذا اتخذت التوجيهات المستقبلية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي نبرة متشددة تعاكس توقعات المستثمرين.
