في ظل تصاعد النقاش داخل الولايات المتحدة حول مستقبل النظام المالي والسياسات النقدية، تتجه الأنظار نحو مقترح غير تقليدي: إنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين. ومع تزايد عبء الدين العام الأميركي ورغبة بعض المشرّعين في تبني أدوات مالية جديدة، يبرز البيتكوين كأحد البدائل التي يرى البعض أنها قد تُغيّر قواعد اللعبة الاقتصادية مستقبلاً.
لوميس: البيتكوين قد يخفف عبء الدين الأميركي
في هذا السياق، تقول السيناتور “سينثيا لوميس” إن الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين يمكن أن يُسهم في معالجة عبء الديون المتراكمة على الولايات المتحدة، واصفةً إياه بالمسار الوحيد القادر على تخفيف هذا العبء بشكل فعّال. وأشادت بالرئيس ترامب وفريقه لتبنيهم الفكرة، مؤكدة تطلعها لرؤية الخطة تُنفَّذ حتى النهاية.
وفي تصريحات أدلت بها هذا الأسبوع، أوضحت لوميس أن قيمة الاحتياطي من المتوقع أن ترتفع بمرور الوقت، ما يجعله عنصرًا داعمًا للميزانية العمومية للحكومة. وأضافت أن الإدارة تدرس خيارات عدة، تتجاوز إعادة تقييم شهادات الذهب واستبدالها بالبيتكوين، مشيرةً إلى أن وزارة الخزانة والبيت الأبيض يُراجعان البدائل المتاحة.
كما قالت في مقابلة مع بلومبيرغ إن المسؤولين يستكشفون آليات لإنشاء الاحتياطي دون الاعتماد كليًا على إعادة تقييم الذهب. وأوضحت أن وزير الخزانة سكوت بيسنت وفريقه، إلى جانب موظفي البيت الأبيض، يعملون على دراسة التفاصيل الفنية للخطة.
دعوات للإسراع في التنفيذ رغم العقبات التشريعية
وتابعت لوميس مشددة على ضرورة التعجيل. ففي الشهر الماضي ذكرت أن شراء البيتكوين للاحتياطي قد يبدأ في أي وقت، مشيدةً بترامب لتهيئة الظروف اللازمة للتحرك بسرعة. ورغم أنها وصفت العملية التشريعية بالبطيئة، أكدت أن التمويل يجب ألّا ينتظر اكتمال جميع المراحل السياسية.
وعلى صعيد التمويل، لا تزال التساؤلات قائمة. فلم تُقدّم لوميس خطة شاملة لتمويل الاحتياطي، إلا أن وثيقة معلومات صادرة عن الإدارة في مارس ذكرت أن الاحتياطي سيبدأ بما تمتلكه وزارة الخزانة من بيتكوين تمت مصادرتها في قضايا جنائية أو مدنية. وقد ارتفعت هذه الأصول بشكل كبير مؤخرًا، إذ تجاوزت قيمة احتياطيات البيتكوين الأميركية 34 مليار دولار بالأسعار الحالية، بعد مصادرة نحو 130 ألف بيتكوين في قضايا بارزة، ما يجعل الحكومة واحدة من أكبر الحائزين السياديين عالميًا.
كما أشارت الوثيقة إلى إمكانية إضافة المزيد من البيتكوين عبر استراتيجيات محايدة للميزانية لا تفرض تكاليف جديدة على دافعي الضرائب. ويتماشى ذلك مع تصريحات وزيرة الخزانة بيسنت في أغسطس، حين أكدت أن الحكومة لن تشتري البيتكوين مباشرة، بل ستعتمد على الأصول المصادرة كأساس أولي للاحتياطي.
دعم متزايد وتوقعات بتسريع المسار السياسي
أيدت لوميس هذا النهج سابقًا واعتبرته الخيار الأمثل، كما أشارت إلى إمكانية الاستفادة من إعادة تقييم احتياطيات الذهب الأميركية بأسعار السوق الحالية لدعم المشروع. ومنذ توقيع الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا في مارس لبدء العمل على الاحتياطي، اكتسبت الفكرة زخمًا سياسيًا إضافيًا.
ويرى محللون أن الولايات المتحدة قد تُضفي طابعًا رسميًا على إطار العمل قبل نهاية عام 2025. ووفقًا لأليكس ثورن، رئيس الأبحاث في جالاكسي ديجيتال، هناك اعتراف متزايد من الحزبين بالبيتكوين كأصل مالي ومخزن للقيمة.
في المقابل، يرى المؤيدون أن الاحتياطي قد يُسهم في تنويع الأصول السيادية ويوفر حماية ضد التضخم، بينما يُطالب المنتقدون بضوابط صارمة ووضوح أكبر بشأن الحوسبة، والشفافية، وقواعد السحب من الاحتياطي قبل الشروع في أي تراكم واسع النطاق.
